top of page

الشفافية والحوكمة في إدارة المخاطر: ركيزة للنجاح المؤسسي


الشفافية والحوكمة
Transparency and Governance

الشفافية والحوكمة هما حجر الزاوية في بناء مؤسسات ناجحة ومستدامة. عندما تتكامل هاتان القيمتان مع إدارة المخاطر الفعالة، يصبح النجاح المؤسسي هدفًا قابلاً للتحقيق. فالشفافية توفر المعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة، بينما تضع الحوكمة الأطر والسياسات لضمان المساءلة والعدالة. في عالم الأعمال المعقد، تكتسب الشفافية والحوكمة أهمية مضاعفة، حيث تساعدان على بناء الثقة وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية. لذا، فإن تبني الشفافية والحوكمة في إدارة المخاطر ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية لتحقيق التميز والازدهار في عالم يتسم بالتنافسية والتغير المستمر.


 

الشفافية والحوكمة هما الأساس الذي تبنى عليه الثقة والازدهار في كل مجتمع ومؤسسة، وعندما تتكامل الشفافية مع إدارة المخاطر يصبح النجاح مضاعفاً وأكثر استدامة. تعني الشفافية توفير المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب، مما يساعد على تحديد المخاطر المحتملة وتقييمها بشكل أفضل. أما الحوكمة فتشمل وضع السياسات والإجراءات اللازمة لإدارة المخاطر بفعالية، ومراقبة تنفيذها والتأكد من تحقيق أهداف المؤسسة. وعندما تتوفر الشفافية والحوكمة، يصبح من الممكن اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة المخاطر، وتقليل احتمالية وقوع الخسائر، وتحسين الأداء المؤسسي بشكل عام.


في مجال العلاقات الدولية والأعمال التجارية الدولية على وجه الخصوص، تكتسب الشفافية والحوكمة أهمية بالغة في إدارة المخاطر نظراً لتعقّد البيئة التي تعمل فيها الشركات عبر الحدود. فالشفافية في تقديم المعلومات عن الأداء المالي والعمليات التجارية والامتثال للمعايير الدولية تساعد على بناء الثقة بين الشركات والدول والمستثمرين، وهو أمر ضروري لإنجاح أي مشروع تجاري دولي.

الشفافية والحوكمة هما دعامتا كل نجاح، وعندما تجتمعان مع إدارة المخاطر، يصبح النجاح قصة استدامة

بالإضافة إلى ذلك، تساعد الحوكمة الرشيدة في وضع آليات واضحة لاتخاذ القرارات وإدارة المخاطر، مما يقلل من احتمالية النزاعات وسوء الفهم بين الأطراف المختلفة. كما أن تطبيق معايير الحوكمة الدولية يساعد الشركات على تحسين سمعتها وتعزيز قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية. وبشكل عام، يمكن القول إن الشفافية والحوكمة هما أساس الاستقرار والازدهار في العلاقات التجارية الدولية، حيث تساعدان على تقليل المخاطر وتعزيز الثقة بين جميع الأطراف المعنية.

إضاءة: ما الحوكمة الرشيدة؟

الحوكمة الرشيدة هي مجموعة من القواعد والممارسات التي توجه المؤسسة لتحقيق أهدافها بفعالية وعدالة ومساءلة وشفافية.

الشفافية والحوكمة: مفهومان أساسيان

تعني الشفافية توفير المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب وبشكل واضح ومفهوم للجميع. وهي تعني إتاحة الفرصة للجميع للاطلاع على المعلومات والبيانات المتعلقة بالمؤسسة أو الموضوع المَعني، وعدم حجب أي معلومات إلا في حالات استثنائية ومبررة.


تشمل الشفافية أبعاداً مختلفة، منها الشفافية المالية والشفافية الإدارية والشفافية السياسية. تدور الشفافية المالية حول الإفصاح عن البيانات المالية المتعلقة بالمؤسسة، مثل الإيرادات والمصروفات والأرباح والخسائر، بشكل دوري ومنتظم. أما الشفافية الإدارية فيقصد بها توفير المعلومات المتعلقة بالقرارات الإدارية التي تتخذها المؤسسة، مثل سياساتها وإجراءاتها وهياكلها التنظيمية. أخيراً، تعني الشفافية السياسية إتاحة المعلومات المتعلقة بالقرارات السياسية التي تتخذها الحكومات، مثل القوانين واللوائح والسياسات العامة.


وفي حين أن البيانات المالية – مثلاً - للشركات التجارية سرية إلى حد ما، وإن لم يكن بشكل مطلق، لأسباب تتعلق بحماية الميزة التنافسية والحفاظ على ثقة المستثمرين والأسرار التجارية، إلا أن شركات المساهمة العامة والدول مُطالبة بنشر مثل هذه البيانات لتحقيق الشفافية والمساءلة.


التقارير المالية مهمة لتعزيز الشفافية وإدارة المخاطر
Financial reporting is important to enhance transparency and manage risk.

على سبيل المثال، يحق للمساهمين في شركات المساهمة، مثل أمازون وآبل وغيرها على سبيل المثال لا الحصر، الاطلاع على البيانات المالية للشركة التي يمتلكون أسهماً فيها، وذلك لتقييم أداء الشركة واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. كما يعزز نشر الدول لبياناتها المالية الثقة بين الحكومة والمواطنين ويحقق المزيد من الاستقرار الاقتصادي. عندما يكون المواطنون على اطلاع دائم بالوضع المالي للدولة، فإن ذلك يزيد من ثقتهم في الحكومة. كما أن ذلك يساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية؛ فعندما يكون المستثمرون على ثقة بالوضع المالي للدولة، فإنهم يكونون أكثر ميلاً للاستثمار فيها.

إضاءة: ما هي شركات المساهمة؟

شركات المساهمة هي كيانات تجارية تجمع رؤوس الأموال من مساهمين متعددين لتمويل مشاريعها، وتتميز بمسؤولية محدودة للمساهمين وقابلية أسهمها للتداول.


إن الشفافية هي مبدأ أساسي من مفهوم أوسع هو الحوكمة. والتي تعني مجموعة من القواعد والممارسات التي توجه وتتحكم في المؤسسة، بهدف تحقيق أهدافها بطريقة فعالة ومستدامة. تقوم الحوكمة على ثلاثة مبادئ أساسية، بالإضافة إلى الشفافية، تشمل: المساءلة، والتي تعني مسؤولية متخذي القرار عن أفعالهم وقراراتهم، وخضوعهم للمحاسبة والتقييم. والعدالة، والمقصود بها التعامل مع جميع أصحاب المصلحة في المؤسسة بشكل عادل ومنصف، وعدم التمييز بينهم على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو أي عوامل أخرى. وأخيراً سيادة القانون، أي تطبيق القانون على جميع أفراد ومؤسسات المجتمع دون استثناء، وضمان خضوع الجميع للقانون.


إدارة المخاطر: أهميتها ومراحلها

إدارة المخاطر هي عملية منهجية لتحديد وتقييم ومعالجة المخاطر التي قد تهدد تحقيق أهداف المؤسسة. تعتبر إدارة المخاطر جزءًا أساسيًا من الحوكمة الرشيدة، حيث تساعد المؤسسات على تحقيق أهدافها بفعالية وكفاءة، وحماية مواردها وسمعتها، وضمان استمرارية أعمالها. كما تساعد على تحسين عملية اتخاذ القرارات، وزيادة القدرة على التكيف مع التغيرات في البيئة المحيطة.


تشمل عملية إدارة المخاطر تحديد المخاطر المحتملة، وتحليل احتمالية وقوعها وتأثيرها، ووضع استراتيجيات للتعامل معها، سواء بتقليل احتمالية وقوعها أو بتخفيف آثارها السلبية. وتتكون هذه العملية من عدة مراحل أساسية، وهي:


  • تحديد المخاطر: في هذه المرحلة، يتم تحديد جميع المخاطر المحتملة التي قد تواجه المؤسسة، سواء كانت مخاطر داخلية أو خارجية. ويشمل ذلك تحليل بيئة العمل الداخلية والخارجية، وتحديد نقاط الضعف والقوة، والفرص والتحديات.

  • تحليل المخاطر: بعد تحديد المخاطر، يتم تحليلها لتقدير احتمالية وقوعها وتأثيرها المحتمل على المؤسسة. ويتم ذلك من خلال استخدام أدوات تحليلية مختلفة، مثل تحليل SWOT وتحليل PESTLE.

  • تقييم المخاطر: في هذه المرحلة، يتم تقييم المخاطر وترتيبها حسب أولويتها، بناءً على احتمالية وقوعها وتأثيرها. ويتم ذلك لتحديد المخاطر التي تتطلب اهتمامًا فوريًا وتلك التي يمكن تأجيلها.

  • معالجة المخاطر: بعد تقييم المخاطر، يتم وضع استراتيجيات للتعامل معها. وتشمل هذه الاستراتيجيات تجنب المخاطر، وتقليل احتمالية وقوعها، وتخفيف آثارها السلبية، ونقلها إلى طرف آخر، وتقبل بعض المخاطر.

  • مراقبة المخاطر: في هذه المرحلة، يتم مراقبة المخاطر بشكل مستمر للتأكد من أن استراتيجيات المعالجة فعالة، ولتحديد أي مخاطر جديدة قد تظهر. ويتم ذلك من خلال استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية وتقارير المتابعة.


تلعب إدارة المخاطر دورًا حاسمًا في تجنب الخسائر وتحقيق الميزة التنافسية للمؤسسات. من خلال تحديد المخاطر المحتملة وتقييمها، يمكن للمؤسسات اتخاذ إجراءات استباقية لتقليل احتمالية وقوع الخسائر أو تخفيف آثارها السلبية. على سبيل المثال، يمكن للشركات الصناعية تطبيق إجراءات السلامة لتقليل خطر الحوادث والإصابات، مما يحمي الموظفين ويقلل التكاليف الناجمة عن الحوادث.

إدارة المخاطر ليست مجرد درع تحمي المؤسسة من الخسائر، بل هي بوصلة توجهها نحو النجاح المستدام، ومفتاح يفتح أبواب الفرص في عالم مليء بالتحديات.

بالإضافة إلى ذلك، تساعد إدارة المخاطر المؤسسات على تحسين عملية اتخاذ القرارات، حيث يتم أخذ المخاطر في الاعتبار عند اتخاذ القرارات الاستراتيجية والتكتيكية. وهذا يمكّن المؤسسات من اختيار المشاريع والأنشطة التي تتوافق مع أهدافها وتساهم في تحقيق الميزة التنافسية. على سبيل المثال، يمكن للشركات التي تعمل في بيئات متغيرة وسريعة التطور استخدام إدارة المخاطر لتحديد الفرص المتاحة والاستفادة منها، مع تقليل المخاطر المرتبطة بها.


تؤدي التكنولوجيا دوراً محورياً في إدارة المخاطر الحديثة، حيث توفر أدوات ومنصات متطورة تساعد المؤسسات على تحديد المخاطر وتحليلها وتقييمها ومعالجتها ومراقبتها بكفاءة وفعالية. تشمل هذه الأدوات برامج تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي التي تساعد على تحديد الأنماط والمخاطر الخفية، وأنظمة المراقبة الآنية التي تسمح بتتبع المخاطر بشكل مستمر، ومنصات التعاون التي تسهل تبادل المعلومات بين مختلف الأطراف المعنية.


كما أن التكنولوجيا تساعد على أتمتة بعض عمليات إدارة المخاطر، مما يقلل من الأخطاء البشرية ويزيد من سرعة الاستجابة للمخاطر. بالإضافة إلى ذلك، توفر التكنولوجيا حلولاً متقدمة لإدارة المخاطر السيبرانية، التي أصبحت تشكل تهديداً كبيراً للمؤسسات في العصر الرقمي.

إضاءة: ما هي الأتمتة؟

الأتمتة هي استخدام التكنولوجيا لتنفيذ المهام بشكل آلي وتقليل أو إلغاء الحاجة للتدخل البشري المباشر.

الشفافية والحوكمة في إدارة المخاطر: علاقة تكاملية

للشفافية دورٌ حاسم في جميع مراحل إدارة المخاطر، بدءاً من تحديد المخاطر المحتملة ووصولاً إلى مراقبتها وتقييم فعاليتها. ففي مرحلة تحديد المخاطر، تساعد مشاركة المعلومات بوضوح وشفافية بين مختلف الأطراف المعنية على تحديد جميع المخاطر المحتملة، سواء كانت ظاهرة أو خفية. وعند تحليل المخاطر، فإن توفر البيانات والمعلومات الدقيقة والشفافة يساعد على تقييم المخاطر بشكل أكثر دقة وموضوعية.


أما في مرحلة تقييم المخاطر، تساهم الشفافية في تحديد أولويات التعامل مع المخاطر بناءً على معايير واضحة ومتاحة للجميع. وعند معالجة المخاطر، فإن الشفافية في اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة للتعامل مع المخاطر يعزز الثقة بين الأطراف المعنية ويضمن تنفيذ الإجراءات بفعالية. وأخيراً، في مرحلة مراقبة المخاطر، تساعد الشفافية في تقييم نتائج الإجراءات المتخذة وتحديد نقاط التحسين.


تلعب الحوكمة دوراً محورياً في توجيه عمليات إدارة المخاطر من خلال وضع الأطر والسياسات والإجراءات التي تحدد كيفية تحديد المخاطر وتقييمها ومعالجتها ومراقبتها. تحدد الحوكمة مسؤوليات واضحة للأطراف المعنية في إدارة المخاطر، وتضمن وجود آليات للمساءلة والمحاسبة. كما تشجع على ثقافة تنظيمية تقدر الشفافية والتواصل الفعال حول المخاطر. بالإضافة إلى ذلك، تساعد الحوكمة على دمج إدارة المخاطر في استراتيجية المؤسسة وعمليات صنع القرار، مما يضمن أن القرارات تتخذ مع الأخذ في الاعتبار المخاطر المحتملة.


الشفافية والحوكمة في إدارة المخاطر
Transparency and governance in risk management

في مؤسسة حكومية مثلا، تقوم وزارة الصحة بتطبيق الشفافية من خلال نشر تقارير دورية عن أداء المستشفيات والمراكز الصحية، تتضمن معلومات عن عدد المرضى ومعدلات الشفاء والوفاة والأخطاء الطبية. كما تنشر الوزارة ميزانيتها وتفاصيل الإنفاق على الخدمات الصحية. أما الحوكمة، فتتجلى في وجود مجلس إدارة للوزارة يضم خبراء في المجال الصحي والإداري والقانوني، ويقوم هذا المجلس بمراجعة السياسات الصحية واتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة المخاطر. كما توجد لجان متخصصة في كل مستشفى تتولى مسؤولية تحديد المخاطر المحتملة ووضع خطط للتعامل معها.


تساعد هذه الإجراءات المتخذة من قبل وزارة الصحة الشركات الاستثمارية في القطاع الصحي على اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. فعندما تكون البيانات المتعلقة بأداء المستشفيات والمراكز الصحية متاحة وشفافة، يمكن للشركات الاستثمارية تقييم المخاطر والعوائد المحتملة للاستثمار في هذه المؤسسات بشكل أفضل. على سبيل المثال، إذا كانت التقارير تشير إلى أن مستشفى معين يحقق معدلات شفاء عالية ولديه إدارة فعالة، فإن ذلك قد يشجع شركة استثمارية على الاستثمار فيه.


بالإضافة إلى ذلك، تساعد الحوكمة الرشيدة في وزارة الصحة على بناء الثقة بين الشركات الاستثمارية والقطاع الصحي الحكومي. فعندما تكون هناك قواعد وإجراءات واضحة وشفافة لإدارة المخاطر واتخاذ القرارات، فإن الشركات الاستثمارية تشعر بالاطمئنان إلى أن استثماراتها ستكون آمنة ومحمية. وهذا بدوره يشجع على زيادة الاستثمارات في القطاع الصحي، مما يساهم في تحسين جودة الخدمات الصحية وتطويرها.


الشفافية والحوكمة في إدارة المخاطر في العلاقات الدولية

تعتبر الشفافية والحوكمة عنصرين أساسيين في إدارة المخاطر في العلاقات الدولية، حيث تساهمان في تعزيز الثقة والاستقرار والتعاون بين الدول. فالشفافية في تبادل المعلومات حول المخاطر المحتملة، مثل الأزمات الاقتصادية أو النزاعات السياسية أو الكوارث الطبيعية، تساعد على فهم أفضل للتحديات المشتركة وتنسيق الجهود لمواجهتها.


كما أن الحوكمة الرشيدة في المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تضمن اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة المخاطر بشكل عادل ومنصف وفعال. وتطبيق مبادئ المساءلة والشفافية والعدالة وسيادة القانون في العلاقات الدولية يساعد على تقليل المخاطر الناجمة عن سوء الفهم والتضليل والتحيز، ويعزز فرص التوصل إلى حلول سلمية للنزاعات.


تلعب المنظمات الدولية دورًا حاسمًا في تعزيز الشفافية والحوكمة في إدارة المخاطر على المستوى الدولي، لا سيما في مجالي التجارة الدولية والاقتصاد. فهي تعمل كمنصات للحوار والتعاون بين الدول، وتضع معايير وقواعد دولية لإدارة المخاطر، وتساعد الدول على تطبيق هذه المعايير.


على سبيل المثال، تساهم منظمة التجارة العالمية في تعزيز الشفافية في التجارة الدولية من خلال إلزام الدول بالإفصاح عن سياساتها التجارية وتوفير المعلومات المتعلقة بالتعريفات الجمركية والحواجز التجارية. كما يعمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على تعزيز الحوكمة الرشيدة في الدول من خلال تقديم المساعدة الفنية والمالية للحكومات لتطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة في إدارة الاقتصاد. بالإضافة إلى ذلك، تلعب المنظمات الدولية دورًا مهماً في إدارة المخاطر العالمية، مثل الأزمات المالية والأوبئة والتغيرات المناخية، من خلال تنسيق الجهود الدولية والاستجابة السريعة للأزمات.


لكن تطبيق الشفافية والحوكمة في إدارة المخاطر في العلاقات الدولية يواجه تحديات كبيرة. فالاختلافات في الأنظمة السياسية والثقافية والقانونية بين الدول تجعل من الصعب وضع معايير موحدة للشفافية والحوكمة وتطبيقها بفعالية. كما أن بعض الدول قد تتردد في الكشف عن معلومات حساسة تعتبرها تهديدًا لأمنها القومي أو لمصالحها الاقتصادية.

في عالم العلاقات الدولية، الشفافية والحوكمة هما جسرا الثقة الذي يربط بين الدول، وبدونهما، تصبح المخاطر عواصف تهدد الاستقرار والسلام.

بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه المنظمات الدولية صعوبات في الحصول على المعلومات اللازمة لإدارة المخاطر العالمية، بسبب محدودية قدراتها أو عدم تعاون بعض الدول معها. كما أن ضعف آليات المساءلة والمحاسبة على المستوى الدولي قد يشجع بعض الدول على التهرب من التزاماتها المتعلقة بالشفافية والحوكمة.


إن مثل هذه التحديات تعتبر بحد ذاتها جزءاً من المخاطر التي يجب وضعها في الاعتبار عند وضع استراتيجيات إدارة المخاطر على المستوى الدولي؛ لأن ذلك يصعّب عملية التنبؤ بالمخاطر وتقييمها ووضع الاستراتيجيات الفعالية. على سبيل المثال، إذا لم تكن هناك معلومات كافية حول المخاطر السياسية في بلد معين، فقد يكون من الصعب على الشركات الدولية تقييم المخاطر المرتبطة بالاستثمار في هذا البلد. وإذا لم تكن هناك آليات فعالة للمساءلة والمحاسبة على المستوى الدولي، فقد يكون من الصعب على الدول والمؤسسات الدولية التعاون في مواجهة المخاطر العالمية، مثل الأزمات المالية والأوبئة.


يمكن القول إن الشفافية والحوكمة هما الركيزتان الأساسيتان للنجاح المؤسسي في العصر الحديث. فعندما تتبنى المؤسسات هذه القيم وتدمجها في استراتيجياتها وعملياتها، فإنها لا تحمي نفسها من المخاطر فحسب، بل تعزز أيضًا قدرتها على تحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية. إن الاستثمار في الشفافية والحوكمة هو استثمار في مستقبل المؤسسة وازدهارها، وهو الطريق الأمثل لبناء مؤسسات قوية ومستدامة تساهم في تنمية المجتمع وازدهاره.

 

Comments


انضم إلى القائمة البريدية

bottom of page